عظم شعائرك

إن منهج ديننا الحنيف، وقيمنا الأصيلة التي تدعونا إلى التسامح والتعايش السلمي مع الآخر؛ لا تتعارض في أن يكون هناك قانون على كل وافد إلى دولة قطر حيث يلزمهعظم شعائرك برنامج يختص بتعظيم شعائر الله فتعظيم شعائر الله -تبارك وتعالى- يقتضي تعظيم الله -عز وجل-.. وتعظيم ما جاء عنه في كتابه الكريم.. وتعظيم حرماته وهي كل ما يجب احترامه. وتعظيم شعائر الله فيه أدبٌ مع الرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومع أصحابه وآل بيته وتقديم سنته على جميع أقول البشر قاطبة. وليُعلَم أن شعائر الله تبارك وتعالى لا يعظِّمها إلا مَن عظَّم الله واتقاه، وعرفه -تبارك وتعالى-، وقدَّره حق قدره، وهذا أمرٌ لا خلاف فيه بين المسلمين

شعائر الله هي أوامره ونواهيه، وتعظيمها يكون بفعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، وبإجلالها بالقلب ومحبتها، وتكميل العبودية فيها غير متهاون، ولا متكاسل، ولا متثاقل

قال الله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)

الحج:32

لقد حث لله -تبارك وتعالى- على تعظيم شعائره، وليس أدل على ذلك من قوله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، فجعل تعظيم شعائر الله من التقوى، وأضاف التقوى إلى القلوب؛ لأن القلب هو محل التقوى كما جاء عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "التقوى هاهنا ثلاثاً" وأشار إلى صدره. وإذا خشع القلب واتقى خشعت سائر الجوارح

تعظيم حرمات الله يدخل فيه تعظيم أحكامه وشرائعه الظاهرة والباطنة، وتعظيم الكعبة والحرم، والهدي، لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ [المائدة:2]، ويدخل فيه أيضاً تعظيم الصلاة والأذان، وتعظيم آيات الله أي القرآن، وتعظيم نبيه ، وتعظيم أحكامه، كل ما حده الله ينبغي أن يعظم، ولا يُتخذ شيء من ذلك هزوًا، فإن الله -تبارك وتعالى- توعد المستهزئين بآياته وبرسوله ﷺ: وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ [التوبة: 65-66]، فأحكام الله -تبارك وتعالى- وآياته ودينه وشرعه قصد الشارع تعظيم ذلك جميعاً

شعائر الله هي: أمكنة، وأزمنة، وذوات

الشعائر المكانية هي الأماكن التي عظّمها الله -تبارك وتعالى- وأمر بتعظيمها، وجعلها علامة على أداء عمل من عمل الحج والعمرة، مثل: الكعبة المشرفة والمسجد الحرام والمقام، والصفا والمروة والمشعر الحرام بمزدلفة ومنى والجمار. وحرم مكة والمدينة كليهما معظَّمان

الشعائر الزمانية ومن ذلك الأشهر الحرم وشهر رمضان ويوم الجمعة

الشعائر الذوات كل أمر فيه طاعة الله من صلاة وزكاة وصوم وحج، وكل عمل صالح مع خلق الله سواء كان من المسلم إلى المسلم أو غيره

فكل عملٍ صالح هو من شعائر الله، وكما عظَّم الله شعائره، وجب على المؤمنين تعظيمها؛ فقد عظَّم الله قرآنه وباركه - سبحانه - فقال - جل جلاله -: ﴿ وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأنعام: 155]، فيا من تحملون كتاب الله في صدوركم، اتقوا الله كما علمكم الله، عظِّموا كتاب الله، تدبَّروا آياته، طبِّقوها في أيام حياتكم، واحذروا الدنيا، كونوا القدوة في تصرفاتكم؛ فأنتم أهل الله وخاصته، والقرآن الذي في صدوركم هو مرقاكم على مدارج الجنة، وكل أمرٍ فيه ملزم لجميع الأمة، فواجبنا العمل بما فيه، نعم أيها المؤمنون وأيتها المؤمنات، كل آيةٍ فيه هي كلمة الله إلى كلِّ واحد منَّا، هذا الكتاب فيه حياتنا، وفيه سعادتنا في الدنيا، وفيه نجاتنا يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة، قال الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدمه سورة البقرة وآل عمران))؛ رواه الإمام مسلم

علينا أن نعظّم ما عظمه الله وعظّمه رسوله -صلى الله عليه وسلم- على الكيفية التي أمرا بها دون ابتداع أو غلو في التعظيم