" كلمني عربي "مبادرة طيبة لعصر بدأت فيه لغتنا العربية بالانحراف في نطقها، والأعجمية في ألفاظها بفعل المتغيرات العصرية وإحلال اللغة الإنجليزية واستخدامها كبديل في المدارس والمؤسسات والوزرات تشوهت جمالها اللغوي واللفظي وبلاغتها الأدبية؛ لذلك المجتمع بحاجة لجرعات من الاهتمام بهذه اللغة قبل انحلالها، وما مشروع "كلمني عربي" إلا بهدف إعادة هذه اللغة إلى هويتها العربية وتثبيتها بأصولها اللغوية في جميع مناحي الحياة للحفاظ على اللغة العربية كلغة رسمية أساسها القرآن الكريم كما ذكر في محكم آياته ﴿ إِنّا أَنزَلناهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُم تَعقِلونَ﴾ [يوسف:2] للحد من الأعجمية والتكسير والتشويه والتأتأة والهشاشة التي ألمّ بها عند الاستخدام في النطق والكتابة والحوار.
وذلك نتيجة استخدام المفردات الأجنبية المستخدمة اليوم، والتي غزت مجتمعنا ولمست الفكر بالقبول والتداول، وأثرت على كينونة اللغة المستخدمة العربية واللهجة العامية، خاصة على ألسنة الأجيال الحاضرة، والتي دخلت علينا عبر منافذ متعددّة لايمكن إغلاقها أوالحد منها، بفعل التقدم الحضاري التكنولوجي بدءًا بالإنترنت ومشتقاته واستخدامه في كافة الأصعدة التعليمية والوظيفية والشرائية؛ لتختلط اللغة العربية مع مفردات أجنبية عند النطق بها، كماهوالحال في المدارس الأجنبية وفرضية لغتها في مناهجها التعليمية؛ لينتهي المشوار بوجود الخدم باختلاف الجنسيات واللغات في المنازل والاعتماد عليهم في التربية والرعاية والتحاورمع الأطفال بلغة أوطانهم، والتأثربها في الكلام.
ناهيك عن المعاملات والخطابات الرسمية الصادرة من بعض المؤسسات والوزارات والإدارات التي مازالت ترد للمتعاملين باللغة الأجنبية كتابة، بالإضافة إلي سياسة المدارس المستقلة واعتمادها على اللغة الإنجليزية كلغة أساسية مع بداية مولدها، وفي ضوء ذلك كله مع الأسف طُمست اللغة العربية وطُمست هويتنا كمجتمع عربي، وتراجعت لغتنا إلي الوراء في الاهتمام كتابة ومحاورة ولغة، وتشوهت جمالها، وهزلت كيانها، ورككت ألفاظها، وضاعت بلاغتها، لذلك نحن بحاجة إلى تفعيل مبادرة "كلمني عربي" في المجتمع لحماية اللغة العربية، والحفاظ على هويتها وتوجيه الأبناء في المدارس والمنازل بالتكلم بها، باعتبارها أمانة تتطلب توعية المجتمع بضرورة محاكاتها، وتحفيزهم على التخاطب بها وتعزيزمكانتها كلغة رسمية تشكل الهوية الثقافية والدينية.
…. في العالم التكنولوجي الحديث المعتمد عليه اليوم بلغته الأجنبية -الإنجليزية- في أغلب متطلبات حياتنا التعليمية والوظيفية والشرائية والتواصلية مع الآخرين نتداول ألفاظًا أجنبية ترددها الألسنة بصفة مستمرة بلهجتها الأجنبية (تويتر/ سناب شات/ يوتيوب/ فيسبوك/ غوغل/ ريتويت/ تيك توك / انستغرام/ ويز / لوكيشن / بوتين/ ميت / ترند/ فولو / فويس ) وغيرها من المصطلحات التي يتردد نطقها خاصة بين الأجيال الحاضرة التي لاتستغنى عن حمل الجهازالإكتروني ومايدور فيه من مصطلحات ورسائل وبرامج جميعها باللغة الأجنبية.
بالإضافة إلى مصطلحات أخرى أجنبية تستخدم أثناء الأحاديث اليومية وتمتزج بلغتنا ولهجتنا بها خاصة تكون أكثر وضوحًا وتداولًا بين الأطفال والشباب، وبذلك تضيع لغة القرآن بين أفكاروعقول تعتقد أن عجلة التطويروالتغييرلم تتحقق إلا بالانسلاخ والإحلال عن الهوية العربية، لذلك لم نستنكر في التخاطب والحديث والكتابة، التأتأة والركاكة والأعجمية التي شاعت بين أبنائنا، كما لم نستنكرعدم معرفتهم بقراءة القرآن وفهمهم، لأنهم لم يدركوا لغة الضاد .
…. تعلّم اللغة الأجنبية السائدة اليوم-الإنجليزية- والتحدث بها واستخدامها وانتشارها عبرالاستخدام الإلكتروني"جوجل" مطلب حضاريّ تقدمي وثقافي يفرضه التمازج والاحتكاك بالثقافات الأخرى، والتعامل معها في الداخل والخارج كما يفرضه التعامل مع أجهزة التواصل الإلكتروني، ولكن تبقى الأولية، والأحقية للغة الأم العربية التي هي لغة القرآن الذي نزل بلسان عربي مبين كما هي الوطن الآخر للإنسان.
وصدق الدكتور محمود السيد حين قال في تغريدة له: "إذا فقد أيّ شعب لغته الأم، فإن ذلك سوف يؤدي إلى طمس هويته المميّزة؛ لأن اللغة جنسية من لاجنسية له إنها وطن ومن فقد لغته فقد وطنه"؛ لذلك لابد من الوعي والمتابعة والتشديد علي استخدامها خاصة الذين يتعاملون مع مصطلحاتها والتحدث بها من الأطفال والشباب في مواقف لاتستدعى وجود التحدث بها وتلك مسؤولية مجتمعية.