كثيرة هي الشكاوى التي نسمعها عن قلة البركة في المال والعمر والزوج والولد والدابة والسيارة والتجارة، وغيرها.
وأيضًا هناك من الناس من لديه مال، وهو يعرف حق الله فيه، ويتصدق منه، ويساعد أهل الحاجة، ويعين الملهوف، فماله في زيادة لا نقصان. ولكن كيف نما ماله وهو قد لا يتجاوز بضعة آلاف في زمن اشتعال الأسعار؟!
كيف لا يشعر بالحاجة؟ ومتطلبات الزوجة كثيرة ورغبات الأولاد أكثر، وتكاليف الحياة في ارتفاع وتزايد، وكل ما يدخل من المال يخرج!
الجواب بكل بساطة نجده في الحديث الذي رواه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري أنَّ النبي ﷺ قال: "ثلاثةٌ أقسِمُ عليْهنَّ وأحدِّثُكم حديثًا فاحفظوهُ قالَ: ما نقصَ مالُ عبدٍ من صدقةٍ، ولا ظلِمَ عبدٌ مظلمةً فصبرَ عليْها إلَّا زادَهُ اللَّهُ عزًّا، ولا فتحَ عبدٌ بابَ مسألةٍ إلَّا فتحَ اللَّهُ عليْهِ بابَ فقرٍ أو كلمةً نحوَها ".
ولا تخفى قصة الشاة وكتفها، من حديث عائشة -رضي الله عنها-: أنَّهم ذبحوا شاةً فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ: ما بقيَ منْها؟ قلت: ما بقيَ منْها إلَّا كتفُها، قالَ: بقيَ كلُّها غيرَ كتفِها ".
وكان بعض السلف لما يأتيهم الذين يطلبون المال كانوا يقولون: "يا مرحبًا بمن ينقل أموالنا من دار إلى دار، فالمال الذي تدفعه يزيد، فهو ينتقل من هذه الدار الفانية إلى الدار الباقية".
فالإنفاق في سبيل الله -تعالى-، وفي إغاثة الملهوف ومعاونة المحتاج هي سبب في استجلاب البركة، فسبحان الله الذي أعطاك المال فضلًا منه ومِنَّة، ودعاك لمساعدة غيرك نفعًا لك، فهو -سبحانه- الغني الذي يعطي ولا ينقص من خزائنه شيئًا، ولكن يختبرك بما أنعم عليك، ومع هذا وعدك بالخير والبركة، فهل يترك هذا عاقل؟!
من بعض الخير العائد على المنفق:
- الصدقة تنميةٌ وزيادةٌ للأموال.
- بركة ونماء للأجر والثواب الذي يحصل عليه المتصدق عند الله.
- إدخال الفرح والسرور على أصحاب الحاجات الفقراء والمحتاجين، وهذا في نفسه له أجر آخر.
- الصدقة برهان على صدق المنفق.
- والإنفاق على المحتاجين نوعًا من أنواع التكافل الاجتماعي، الذي تقوى به أواصر الأخوة الإسلامية، ويهدأ في نفس الفقير الطمع في مال الغير.
- انتشار الرحمة والتآخي والمودة بين الناس.
- الصدقة تدفع عن صاحبها البلاء، وتشفي المريض، وتدفع الشر -بإذن الله-
- الإنفاق ابتغاء مرضاة الله، له أجر كبير، قال -تعالى-: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴿٨﴾ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴿٩﴾ إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴿١٠﴾ فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا ﴿١١﴾ وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴿١٢﴾ [سورة الإنسان].