بين حجر وحجر!!

بين حجر وحجر!!

-- أم عمر --

الجبال والشجر والحجر!! على ضفتي الطريق، كأنها تنظر إلي وأنظر إليها! أنصت كأني أسمع صوت ترديدها!!....

-- أم عمر --

الجبال والشجر والحجر!! على ضفتي الطريق، كأنها تنظر إلي وأنظر إليها! أنصت كأني أسمع صوت ترديدها!!

فقد أخبرني الصادق المصدوق ، عن سهل بن سعد الساعدي، قال رسول الله ﷺ: "مَا مِن مُسلمٍ يُلبِّي إلَّا لبَّى ما عَنْ يَمينِه وشِمالِه؛ مِن حَجَرٍ، أو شَجرٍ، أو مَدَرٍ، حتَّى تَنقطِعَ الأرضُ مِن هاهنا وهاهنا" [صحيح الترمذي]

سبحان الله!!

الجمادات تتجاوب؟؟ تجيب أمر ربها فتلبي بتلبية هذا العبد الفقير؟!

نعم!

الذي له الخلق والأمر حقه أنْ يُطاع فلا يُعصى!

يا حجر بدأت صحبتنا في رحلة الحَجِّ؛ تردد معي!

ثم سأطوف حول حجر، وأقبل حجر، وأسعى بين حجر وحجر، وسأرمي بحجر!!!

ومع هذا! ستبقى في نظري حجر لا يضر ولا ينفع؛ ولا تظنن تقبيلي لك هذا لتعظيمك! أو لمكانة لك!!

لا! بل أُعظِّم من خلقك -سبحانه- وأمرَ نبيِّي وأمرني بطاعة نبيي أنْ أقبلك!

هويت برأسي لأقبلك، وما هوى قَلبي إلا لخالقه، واتباعًا لنبيه ، لأنه الملك .

وأقول لك، كما روي  عُمَرَ  ابن الخطاب رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَقُولُ: "إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ، وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ" [رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ].

نحن أمة تشرفت بالاستسلام لربها، منذ قال أبينا إبراهيم -عليه السلام-: {أسْلَمْتُ لِرَبِّ العَالَمِينَ}.

واستسلمت أمنا هاجر لما قالت لإمام المستسلمين: آلله أمرك؟

قال: نعم.

قالت: إذن لن يضيعنا.

وتبعهما النبي البار اسماعيل-عليه السلام- مستسلمًا لسكين أبيه بعد أنْ سلَّم قلبه لباريه قائلًا: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}.

فلنفعل ما نؤمر، ولنكن من المسلمين المستسلمين؛ عسى أنْ نصل إلى ربنا بقلب سليم، لا بقلب بقساوة الحجر.