إعلان الحج

إعلان الحج

-- فيصل العشاري --
-- مرشد تربوي وتعديل السلوك --

يقول الحق -جلَّ في علاه- في سورة الحج: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27]....

-- فيصل العشاري --
-- مرشد تربوي وتعديل السلوك --

الإعلان الأول

يقول الحق -جلَّ في علاه- في سورة الحج: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27].

ذكر المفسرون أنَّ الله -تعالى- أمر إبراهيم الخليل -عليه السلام- بأنْ يؤذِّن للناس في الحج، فقال: "يا رب! كيف يبلغهم صوتي؟ فقال الله -تعالى- له: "عليك الأذان وعلينا البلاغ".

الإعلان الثاني

آية سورة الحج لها ارتباط وثيق بآية سورة البقرة في قوله -تعالى-: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [البقرة: 125].

جعل الله -تعالى- البيت الحرام مثابة للناس، حيث يثوبون إليه، أي يرجعون إليه عامًا بعد عام.

ما سر هذا الحنين الفطري الأبدي منذ عهد آدم إلى آخر بشر من ولد آدم؟!

إنَّه ذلك الصوت القادم من أعماق التاريخ، ينادي البشرية جمعاء أنْ تثوب إلى بيت ربها، وأنْ تلبي نداء الفطرة الأولى التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله.

الإعلان الثالث

إنَّ التجرد من الملابس الفاخرة، والتزام زيًا موحدًا في لباس الإحرام، إنما هو إعلان للمساواة وعدم التمييز بين مسلم من أقاصي الشرق وأخيه في نهايات الغرب، وإنَّ قطعتين من ملابس الإحرام بشكلهما البسيط، إنما هو إعلان بأنَّ لباس التقوى خير من لباس الجسد.

الإعلان الرابع

إنَّ الطواف حول الكعبة إنما هو إعلان للوجود بأنَّ بنية الكون الواحدة، وحركته من الذرة إلى المجرة التي تشبه حركة الطواف، إنما هي إعلان على أنَّ خالق هذا الوجود واحد -جلَّ جلاله-.

الإعلان الخامس

إنَّ التجرد من الملابس التي تستر عيوب الجسد، إنما هو إعلان عن التجرد للحق، والانخلاع عن العيوب التي تخفيها النفس البشرية.

الإعلان السادس

إنَّ رحلة الذهاب إلى الحج والعودة منه كيوم ولدته أمه مغفورة ذنوبه، إنما هي إعلان لفتح صفحة جديدة نقية وخالية من الأخطاء والآثام!

الإعلان السابع

إنَّ التلبية (لبَّيك اللَّهم لبَّيك)، أي: أجيبك إجابة بعد إجابة، إنما هي تجديد للعهد بالتمسك بالتوحيد، والتزام أمر الله -جلَّ وعلا-.

الإعلان الثامن

إنَّ رمي الجمرات في مِنَى، إنما هو إعلان لتجديد الحرب على الشيطان وأعوانه في مسيرة الحياة الإنسانية.

الإعلان التاسع

إنَّ طواف الأجساد حول البيت الحرام، إنما هو إعلان لطواف الأرواح حول البيت المعمور في السماء السابعة، تمامًا كما تفعل الملائكة هناك، حيث يصلِّي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم، (كما في حديث الإسراء المشهور الذي أخرجه البخاري ومسلم).

الإعلان العاشر

إنَّ رحلة الحج -ووجوبها مرة في العمر-، إنما هي إعلان وإيذان بتلك الرحلة الأبدية التي تنتظرنا جميعًا لتنقلنا من طبق إلى طبق، من طبق الدنيا إلى طبق الآخرة.

(تلك عشرة كاملة).